حياة مدعي ثقافة

صباح الخير أيها السيد النبيل
يا من أحببت احتساء قهوة الصباح على صوت فيروز وعلى وقع تسارع الأحداث السياسية التي راحت تتسارع متسابقة من بين صفحات جريدتك نفسها كل صباح وصولاً إلى صفحات اقتصاد هذا اليوم وما يعانيه العالم من أزمات قد تعصف بكيان اقتصادي هنا أو نزول في مؤشر سوق هناك لتمر دقائق أخرى على أحداث اليوم الثقافية وما تحتويه منابر الأدب من حوارات وما يروى على المسارح من يوميات ناسياً صفحات الرياضة و الموضة وأخبار الفن والفنانين .
فأنت يا سيدي حكم عليك بتهمة المثقف , أنت أيها النبيل محكوم بحب رائحة المطر وألوان الشجر وأصوات العصافير وملاحق بقضية دعارة بينك و بين لفافة تبغ ملت اشتعالها كل صباح
أنت أيها المحترم
محكوم عليك بالسجن المؤبد في سجن نقاشات لا تعرف من أين تبدأ أو من أين تنتهي ما تعرفه أنها بدأت على طاولة المقهى نفسه الذي اعتدت أن تلتقي به أبناء جلدك من بناة الثقافة ومحتضنوها لتنتهي باتفاق وجهات النضر نادراً وبإختلافها بحكم الهواية منفضين بساعة متأخرة من المساء متفقين على العودة في مساء اليوم الثاني للطاولة نفسها التي اعتادت أن تكون ميداناً للجدال .
إذاً مساء الخير يا مبجل
يامن اعتدت أن تشق عباب صفحات كتب راحت تترنح تحت ضوءك المكتبي الخافت الذي ربما شح نوره استنكاراً لرأي أو فكرة أضاء لها لتختلسها و تمر لتصبح من بنات أفكارك أو لربما هو لآخر قد تعب ومل من ازدحام الأفكار تحته كل مساء.
اليوم يا صديقي لديك موعد لاختلاف وجهات النظر ولم يعد لديك الوقت الكافي فاستغل ما بقي لديك من زمن وتهيأ لتكن أنت عراب الحوار وناظم النقاش فلازالت تلك الفكرة التي تبنيتها البارحة من ذاك البرنامج تنتظر طريقها لتكون سبباً في التفلسف والمفخرة بأنها ناتجة من داخل مخك الفذ ولم تقتبسها من أحد فأنت تكون آرائك بنفسك ولا تتبنى من أحد.
تحضر جيداً وجهز متاريس الدفاع عن الذات الثقافية فمعركتك اليوم طاحنة و يبدو أنك ستترافع في محاكمة فلسفية ثقافية لا تعرف الرحمة وقضيتك معقدة لذا جهز كل ما تعلمته واخترعته , هيا أسرع فمصطلح غريب قد مر من أمامك فتمسك به ودونه في قائمة رحت تتشدق بما فيها من ألفاظ نكشتها من تحت الأرض أو ربما جئت بها من كتب الإغريق و الرومان فحمو رابي صديقك الأول والأوحد وسقراط أستاذك وتشي غيفارا مثلك الأعلى في النضال و الكوفية موضتك الدائمة ولا تمسك بيد إلا يد حقيبتك السوداء المهترئة فهي حبك وأنيسة خلوتك .
إنها الساعة الثامنة مساءاً وهذا الوقت يدق ناقوس موعدك اليومي و الغرامي الأول والأوحد مع برنامجك المتلفز المفضل أوراق ثقافية أو عفواً قد يكون اسمه في أروقة الثقافة أو ربما تحت مسمى آخر الاسم لايهم ما يهم أنه مثلك تماماً لصقت به تهمة المثقف وصبغ بلون اللالون وتكلم بمنطق اللامنطق قد يكون اليوم هو الموعد لعرض آخر إصداراتك من الكتب التي لطشت فحواها من هنا و هناك وراح النقاد يتداولونها بشهوة القلم للنقد والتنظير فكتابك الأخير وليس الآخر ينم عن ثقافة ودراية بكل شيء كيف لا وأنت لاترى نفسك إلا المثقف الوحيد في هذا الكون .
كيف لا وأنت ممن اعتادوا الصفوف الأولى في جميع حاضنات الثقافة من مراكز وصالونات ثقافية حتى صرت من موجودات المكان فالمشهد الثقافي لايكتمل من دون مجموعة الوجوه المتماثلة والعابسة والتي احتلت مقاعد الصف الأمامي وأجزاء من الصف الذي يليه وراحت تزاور بشخوص المكان دون حراك حتى لو اشتد الحب أو لاشتياق في قصيدة شاعر أو تشابكت أحداث قصة الراوي أو ارتفع الحوار المسرحيل , فهذه الوجوه لم تألف إلا نظرية السكون وتقتات على مبادئ تشيخوف وتهوى تنظيرات سانسلافسكي
عزيزي أيها الوجه العابس يامن ذاع صيته في معارك التثاقف ألا يكفيك هذا التحجر والصمت هات أتحفنا بما اكتشفته من سكوتك هذا أم أنه نفس تعليقك السابق فكلماتك باتت مألوفة وملاحظاتك أضحت من كتب التاريخ واستنتاجاتك نطالعها كل يوم في الجرائد بل صارت تقتحم آذاننا عبر الأثير
ارحل يا سيدي بعيداً عنا ومارس طقوسك خارج حدودنا فالوقت قد مضى وأصبحت يا عزيزي وبكل أسف مجرد خيال وهامشاً منسياً في كتاب الحياة .
فيا مدعي الثقافة إليكم كتبت تلك الرسالة .

بقلم : حنظلة

بدنا آراءكم يا جماعة
حدا يعبرنا بكلمة

الكاتب الكبير هو الذي تنخر في عظامه جرثومة الشجاعة
والكاتب الصغيرهو الذي يبلع قبل نومه برشامة القناعة .........
وأنت ياصديقي كاتب كبير سلمت يداك
Like a Star @ heaven

ارحل
يا سيدي بعيداً عنا ومارس طقوسك خارج حدودنا فالوقت قد مضى وأصبحت يا
عزيزي وبكل أسف مجرد خيال وهامشاً منسياً في كتاب الحياة .
فيا مدعي الثقافة إليكم كتبت تلك الرسالة .

شكرا اخي العزيز محمد على هذا الكلام الرائع
تقبل عجز اصابعي عن كتابة الرد

تقبل مروري

كل الشكر على مروركم الرائع
صديقتي هنوف وصفك لي بالكاتب الكبير وسام أضعه على صدري
فأنا لازلت أتعلم الكتابة و لا زال قلمي صغيراً أما هذه الكلمة
شكراً لمروركم الرائع و تقبلوا ياسمينتي

ربما كانت دقة وصفك
وقدرتك البالغة على التعبير
صديقي حنظلة

وربما عموم البلوة
وتفشي المرض

هي ما جعل مئات الوجوه
تمر بخاطري
وأنا أقرأ مقالك

لا أعرف يا حنظلة
متى نهتم
بالجوهر الثقافي
أكثر من اهتمامنا
بصورة المثقف

ومتى ندرك أن الحوار الثقافي
لا يتطلب تلك البهرجة اللغوية
بقدر ما يحتاج لمفردات واضحة وبسيطة

شكرا من كل قلبي
يا حنظلة سدد سهامك
ونحن معك
نحو من شوهوا حياتنا الثقافية
وملأوا المشهد الثقافي
بكل ماهو قبيح

» لايأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس