زياد الرحباني و المسرح

زياد الابن البكر
لعاصي وفيروز ولد عام 1956 في بيت ليس ككل البيوت وفي جو عائلي ليس ككل
العائلات فمن البديهي أن ينمو طفل مثل زياد على حب الموسيقى وهو ابن
موهوبين من الدرجة الأولى عاصي الملحن المبدع وفيروز ملكة الصوت والإحساس
....ورغم هذا لم يكن في بال الوالدين انه سيأتي يوم ويكون لابنهما شأن
عظيم في الموسيقى ويملك شخصية مثيرة للجدل في عصرنا هذا إن كان بموسيقاه
أو كتاباته أو مسرحياته ..
عرف عن زياد موهبته التي ظهرت بعمر مبكر جدا حيث انه في عمر السادسة كان
يقف وراء البيانو ليعزف باصبع واحد معزوفات موسيقية خاصة به لدرجة ان
والده عاصي تفاجأ بإحدى المعزوفات وسأل ابنه حينها ( أين سمعت هذا اللحن )
فأجابه زياد ( لم اسمعه قط ولكنه يتردد في ذهني منذ حين ) وطلب في حينها
عاصي من ابنه أن يعيد عزف المقطوعة ودون النوتة الموسيقية لها ولا زال
زياد يحتفظ بهذه النوتة حتى هذا اليوم ...
ومن يومها عرف الوالد أن ابنه موسيقي بالفطرة ويقول زياد : ( لم يكن عاصي
يختار النسخ التي انا ابن السادسة من عمري, أختارها, ولكنه كان أسلوبه
ليجعلني أشعر أن لي رأيي الخاص الذي أعتمد عليه...)
زياد يعتبر نفسه قبل أي شىء صاحب مشروع موسيقى قبل ان يكون مغنيا وصحافيا و كاتبا ...
أولى أعمال زياد لم يكن عملا موسيقيا بل كان بمجال الأدب حيث ألف وهو في
عمر الثالثة عشر( بين عامي 1967-1968 ) ديوان شعري بعنوان ( صديقي الله )
وكل من يقرأ هذا الديوان يعرف العبقرية التي امتلكها زياد وهو بعمر
الطفولة .
أما أولى أعماله الموسيقية فكانت وهو بعمر السابعة عشر في عام 1973 حيث
قدم أجمل لحن لأمه السيدة فيروز حيث كانت السيدة فيروز تحضر مسرحية (
المحطة ) مع الأخوين رحباني وحصل أن اصاب عاصي وعكة صحية اضطرته للسفر من
أجل العلاج ودخول المشفى فألف في حينها منصور الرحباني اغنية ( سألوني
الناس عنك يا حبيبي ) مستذكرا فيها اخيه توأم روحه عاصي وقام زياد الابن
بوضع اللحن لها وأخذت الأغنية شهرة كبيرة وقدمت في مسرحية ( المحطة )
وكانت أجمل مفاجأة لعاصي وقد غنتها السيدة فيروز في حينها بصوت شجي ملىء
بالبكاء ... لاقت تلك الأغنية نجاحا كبيرا, و دهش الجمهور بعبقرية ابن
السابعة عشرة و قدرته على اخراج لحن يضاهي ألحان والده, و حينها فقط...
بدأ النجم الزيادي بالسطوع...

أما أول ظهور لزياد على خشبة المسرح فكانت في مسرحية المحطة حيث اخذ دور
المحقق كما ظهر بعدها في المسرحية الرائعة للأخوين رحباني ( ميس الريم )
حيث لعب دور الشرطي الذي يسأل فيروز عن اسمها واسم ضيعتها والكل يعرف دور
زياد في هذه المسرحية ..وفي نفس الوقت قام الابن الصغير بتأليف المقدمة
الموسيقية للمسرحية والتي اخذت شهرة كبيرة - ولا زالت حتى اليوم - حيث
أذهلت الجمهور بالرتم الموسيقي الجديد الذي أدخله هذا الشاب على مسرحيات
والده و عمه...
وانطلق زياد من بعدها بالـتاليف الغنائي المسرحي ..فكانت أولى مسرحياته (
سهرية ) مع جوزيف صقر ومروان محفوض و جورجيت صايغ ولا زالت أغاني وعبارات
هذه المسرحية تترد على شفاه كل الشباب الذين عشقوا الفن الرحباني ...وكانت
هذه المسرحية الوحيدة لزياد التي تابع فيها شكل مسرحيات الأخوين رحباني
والتي ظن الناس من بعد رحيل عاصي سيخمد توهج المسرح الغنائي الرحباني ولكن
زياد بمسرحية سهرية أعاد للمسرح الرحباني تحديدا أوجه ومجده وهو ابن
السابعة عشر من عمره ...ولكن فيما بعد أخذ زياد منحى آخر له بالمسرح فلم
يعد له نفس الشكل والمضمون والطابع الذي تميز به الأخوين رحباني حيث كان
مسرحهما يغوص بالمثالية والخيال فترى كل من يسمع مسرح الرحابنة ينتقل إلى
عالم آخر يجعله بعيدا عن واقعه ويرى الحياة في منظور مثالي بعيدا جدا عن
الواقع ....ولكن زياد رفض هذا النوع من المسرح وأخذ طريقا مختلفا تماما من
بعد مسرحيته ( سهرية )...فكان لزياد تجربة من نوع آخر ...حيث أخذت
مسرحياته المنحى السياسي الثوري الجدي احيانا والساخر احيانا أخرى فتراه
في نفس المسرحية يبكيك ويضحكك لدرجة لا تميز معه الخيط الرفيع الذي يربط
بين الهزل والجد ...إنه رائع بطريقة طرحه لمآسي ومعاناة الشعب ونقد
السياسيين ...
زياد الابن العبقري الذي استحق لقب العبقرية ...إن لم في كل ما قدمه فيكفيه عبقرية ومعرفة زرع الحب في قلوب الناس .....
زياد كلنا نحبك ...ولك الشكر منا على قدومك إلى سوريا ...